الأربعاء، 13 أغسطس 2008

أسباب عزلة المشاهد عن المسرح التجريبي

المسرح فن ديمقراطي ولكن عزلة الانسان وتحوله في عالم اليوم الى ترس في آلة ضخمة من بين أسباب ظاهرة التجريب في المسرح الحديث الذي يكاد يخلو من الحوار بين طرفين حيث انتهى الحدث الدرامي وتحول المشاهد الى كائن معزول عن جاره الذي يشاهد العرض معه وعن المجتمع خارج المسرح.

فهيمنة رأس المال وتحول الانسان الى ترس في الة ضخمة تضم ملايين لا يعرف أحدهم زميله في العمل ولا جاره في المسكن ويتخصص عمليا في مهنة دقيقة أدى الى أن يصبح الفرد محور الكون ويحل في المسرح الحديث الذاتي (المونولوج) محل الحوار (الديالوج).

وفي ضوء هذه المتغيرات فسر عطية انتهاء الحدث الدرامي في كثير من عروض المسرح بعد أن كان يشكل فعلا فنيا متكاملا نرى من خلاله نتائج فعل حياتي لم يكتمل بعد في الواقع فنتجنب السير فيه حتى نهايته أو نعمل على تحقيقه من أجل حياة أفضل "وبدلا من الحدث الدرامي حل البوح الشعري والرقص التعبيري والحالة الموحية بدلالات أغلبها هلامي ووقتي أشبه ببقعة حبر تقع على ورقة مطوية يسقط عليها كل من يراها مفتوحة أفكاره الخاصة.

"لهذا لم يعد المسرح يحمل رسائل واضحة لجمهوره بل يترك لكل فرد حرية أن يستخرج الرسالة التي يبتغيها هو من العرض المسرحي."

ان المسرح العربي تأثر بهذا السياق التاريخي حيث أصبحت العروض نخبوية "وصار التجريب عندنا (في العالم العربي) تقليدا لتجريب الغرب وغيب المسرح الحوار بين شخصياته وبينه وبين جمهوره فغاب الحوار في المجتمع وتم تخوين كل رأي معارض أو مخالف وصارت السيادة للفوضى."

ويتفق كثير من النقاد في أن التجريب في المسرح العربي مجرد تقليد لا ينطلق من الواقع الاجتماعي أو الثقافي أو الحضاري العربي بل يراه بعضهم عجزا عن استيعاب تراث المسرح ويتحفظون على التكريس لعروض تجريبية لا يتفاعل معها الجمهور طوال العام أو من خلال مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي.

ان المسرح فن ديمقراطي وليد مجتمعات ديمقراطية "بل انه في المجتمعات غير الديمقراطية يحل محل البرلمان ويتحول الى ساحة حوار حتى ولو تخفى في أردية تاريخية أو فانتازية."

و تحويل المسرح الى ساحة للبوح الذاتي وللصور المبهمة وللرقص الموحي أدى في النهاية الى عزلة المشاهد عن زميله الذي يتلقى العرض الى جواره وعن الشارع الذي يخرج اليه بعد العرض ليجده يمور بأحداث لا علاقة لها بالعرض الذي شاهده وعن المجتمع الذي هو بأمس الحاجة الى مشاركته في فعل جماعي للتغيير.

و رغم الاعتراف بأن المسرح التجريبي الذي هو وليد متغيرات الواقع أمر لا مفر منه فانه "لا يجعلنا أبدا نقر به."

ان الاعتراف ا بتدني الاغنية وهبوط السينما وتحليلنا لاسباب هذا التدني وذاك الهبوط لا يعني أبدا موافقتنا عليهما والرضوخ لما ال اليه حالهما وكذلك تفسيرنا لاسباب ظهور هذا المسرح الحداثي خاصة في الغرب لا يجعلنا أبدا نتفق مع معطياته أو على الاقل لابد وأن يدفعنا للتحاور مع هذه المعطيات والافكار التي يقدمها هذا المسرح في ضوء المتغيرات الاجتماعية التي شكلت جمهورا جديدا ذا مفاهيم جديدة."


11 تعليقات:

في 16 أغسطس 2008 في 4:35 ص , Blogger محمد العيسة يقول...

من أكثر ما أعشق على هذه الحياة تنوع أنماط التفكير والآراء ,, وربما تروق لي فكرة إعجاب البعض في فن المسرح , والسينما , حتى في مجال السينما هناك من يعشق افلام الرومانس وآخر يعشق الرعب وآخر الجريمة الخ ..
هكذا هي الحياة خليط عجيب كبير من تأثر وتأثير .. مما يعطي للحياة القدسية التي على ضوئها تستحق أن تعاش بكل ما فيها من خير أو شر , ظلام ونور .... امرأة ورجل ... خشونة ..ونعومة ... ذوق رفيع و لامبالاة مفرطة .
::::
كمحصلة نهائية لكل ما سبق ( طبعاً ما تسأليني عن أي شي لإني مش فاهم ولا شي) ..ألا تعتقدي أن فن المسرح قد تراجع كثيراً بسبب الغزو التكنولوجي .
في القديم على زمن شكسبير كان المسرح قد وصل قمة عطائه , وكان المشاهد يجلس منتشياً لساعات طويلة لكي يشاهد مسرحية ما .
في ظل الظرف الحالي أنا غير مستعد أن أذهب لمشاهدة مسرحية وبإمكاني مشاهدتها في البيت !!!

ودمتِ عاشقة للمسرح .

 
في 16 أغسطس 2008 في 2:51 م , Anonymous غير معرف يقول...

الحلونجي إسماعيل واحد لا تهمه سوى الفضائح , و النظر إلى نفسه في المرأة , و الشتيمة , لا أعرف ما دخله بالمسرح , عليه أن يهتم بهبله اللي قاعد بيعمله في المدونات و رغبته في أن يصبح مدونجي .

مقالك رهيب عن المسرح , لكن للاسف ليس لدينا مسرح هنا في فلسطين , لدينا فقط الكثيرين من المجانين الذين يريدون أن يصبحوا مدونجية .
و دمتم

 
في 16 أغسطس 2008 في 4:28 م , Blogger عفاف فاضل يقول...

الحلونجي اسماعيل
هناك ظروف عالمية تحكمها أفكار ما بعد الحداثة وتفوق الميديا وعصر الصورة وموت المؤلف ولم يبق سوى المخرج هو الذي يرتجل العمل مع الممثلين كل هذا أدى إلى موت المسرح الكلاسيكي كما وصلنا منذ أرسطو حتى الآن .
شكرا لمرورك الكريم

 
في 16 أغسطس 2008 في 4:30 م , Blogger عفاف فاضل يقول...

غير المعروف المحترم والمقدر
يكفي الرجل أنه لم يسبني أو يشتمني ويقول لي يا عاشقة البضان والبيض والفشخ والنيك والبعبصة كما فعل المحترمون أولاد بلدي ...
هذا يكفيه لأرد عليه
وأنت محل تقدير واحترام في أي وقت على ألا تشتمني مثل أولئك التافهين .

 
في 17 أغسطس 2008 في 6:57 ص , Blogger محمد العيسة يقول...

الأخت عفاف فاضل .
أحب أن أنوه لشيء بسيط جداً , واسمحي لي أن أستخدم هذه المساحة البسيطة في دفاع عن فلسفتي , عسى أن نكون أصدقاء نتجاذب أطراف الحديث هنا وفي مدونتي البسيطة .
:::
أولاً : قمت بالرد عليكي البارحة على مدونة (واحد إفتراضي) وكما كان متوقعاً لم يتم نشر ردي الذي كان فحواه ( هل الفلسطينيون وحدهم السيؤون حينما يتناحرون!!!)
:::
ثانياً
رسالة بسيطة للأخ ( غير معرف)
أنت تذكرني بالشخص الذي يتابع الفيلم في نهايته ويتعاطف مع الشرير عند ذبحه,, ولو أنه تابع الفيلم منذ البدء لقال : اللي صار للشرير قليل ويستحق أكثر .
لم أقم بفضح صديقك مهند أبو غوش إلا بعد أن قام بسبي بأقذع الشتائم التي آسف على نفسي للآن لانجراري وراءها .
ولو أنك كنت قد تابعت الردود والشتائم المتبادلة لتعاطفت ولو قليلاً معي .. لاسيما أنه هو من قام بسبي أولاً ..

::::

كنت سأكون سعيداً لو أن ردكِ علي قد جاء نتيجة تفاعلك مع ما طرحت ,, لا لأني لم أقم بسبكِ ..
وكل الاحترام .
:::

لي عودة .. ونقاش طويل عن المسرح , والمسرح الفلسطيني على وجه الخصوص , الذي يصر الغير معرف على عدم وجوده !!

انتظروني.

 
في 20 أغسطس 2008 في 3:09 ص , Blogger محمد العيسة يقول...

1-مسرحية ( الأستاذ)ابراهيم طوقان , دار الاذاعة الفلسطينية , القدس 1947
2- الاستبداد , اللجنة التمثيلية لنادي الشبيبة, بيت لحم 1947
3- الأسود والنعمان ,. فرقة كشافة حيفا 1929
4- الفريد الكبير , حيفا 1926
5- انتقام الكاهن. 1946
6- الأميرة الحسناء , نجيب نصار , حيفا
::::
للعلم هذه اسماء بعض مسرحيات المرحلة الأولى لبدايات المسرح الفلسطيني حرف (الألف ) فقط وأنوه هذه بعض اسماء مسرحيات المرحلة الأولى التي تبدأ بحرف الألف .
يعني إذا اردت أن أكتب جميع اسماء مسرحيات المرحلة الأولى (1850-1948) من حرف الألف حتى الياء , راح تنشل ايدي
فما البال بالنسبة لمسرحيات المرحلة الثانية (1948-1965)
والثالثة(1965-1975)
:::
الغريب وبكل بساطة أن الأخ غير معرف وبجرة قلم يجردنا نحن الفلسطينيون من تراث وذاكرة وثقافة كنا الرائدين بها !!!!
وشكراً لإعطائي هذه المساحة للرد هنا.

 
في 23 أغسطس 2008 في 2:52 ص , Anonymous غير معرف يقول...

هههههههههههههه
طيب مش هشتمك يا عفاف يا فاضل يا عسل
انتى روحى
بوست رائع وهايل

 
في 23 أغسطس 2008 في 2:52 ص , Anonymous غير معرف يقول...

هههههههههههههه
طيب مش هشتمك يا عفاف يا فاضل يا عسل
انتى روحى
بوست رائع وهايل

 
في 25 أغسطس 2008 في 8:23 ص , Blogger سمير مصباح يقول...

اعتقد ان خلو المسرح التجريبى من الحوار هو انعكاس للحالةالانعزاليه التى وصل اليها المجتمع الانسانى الحديث
وهذا لا يعنى اتفاقى مع هذا

جميل ان تكون هناك مدونة تهتم بالمسرح

فاتمنى لك التوفيق

 
في 28 أغسطس 2008 في 8:59 ص , Blogger momken يقول...

اعتقد ان التجريب لا يجب ان ياخذ من اجل التجريب
ففكره التجريب هى نجربه يجب ان نخرج منها بنظريه ان اثبتت اما ان فشلت فقد كانت تجربه فاشله
ويجب ان يكون التجريب المسرحى وفق نظم ومعاير محدده ويكون هناك ثوابت فى المسرح ومتغيران وهنا يكون التجريب مفهوم
انا ان يخرج المسره بدون اى حوار
تحولت النصوص المسرحيه الى رموز جوفاء
ووقتها كيف يمكن ان اقراء مسرحيه
بين غلاف كتاب
فالمكتوب هو الباقى ولو النصوص لما سمعنا عن المسرحيات القديمه جدا جدا

البوست جميل وارى ان التجريب ليس له مطلق الحريه والا اصبح تخريب

تحياتى

 
في 3 سبتمبر 2008 في 8:55 ص , Blogger عاشقة المسرح يقول...

الصديق العزيز سمير مصباح
الأخ الصديق ممكن
آسفة للتأخير في الرد
بس كان عندي عرض
وكنت على آخري
أشكركما على المرور
وشكرا على التقدير والتعليق

 

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية